جولة المعاناة في ملاهي الوزارات اللبنانية
جولة المعاناة في ملاهي الوزارات اللبنانية
هلا نهاد نصرالدين
هلا نهاد نصرالدين صحافية لبنانية ومسؤولة وحدة التحقيقات الاستقصائية في موقع درج، منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2020. تعمل على تحقيقات حول الجرائم المالية والفساد. شاركت نصرالدين في عدّة مشاريع استقصائية عابرة للحدود، من بينها باسبورات الكاريبي، وثائق إريكسون، ووثائق باندورا، ومشروع بيغاسوس، وغيرها. 22 يناير 2025 + الخط -بعد انتخاب العماد جوزاف عون رئيسًا للجمهورية اللبنانية، وإنهاء فراغٍ دام أكثر من سنتين، وتكليف القاضي نواف سلام بتشكيل الحكومة، تنفّست اللبنانيات واللبنانيون الصعداء وتزايدت آمالهم بغدٍ أفضل. لكن، هل يمكن لهذا التفاؤل أن ينعكس على واقع الوزارات اللبنانية التي لطالما كانت مركزًا للفوضى؟
رغم استمرار الفوضى التنظيمية، لا شكّ أنّ هناك تحوّلًا إيجابيًا في بعض مؤسسات الدولة. ففي زيارتي الأخيرة لإحدى الوزارات، لاحظتُ تغيّرًا طفيفًا في سلوك الموظفين، حيث بدا بعضهم مبتسمًا ومتعاونًا، بعدما اعتدت لسنوات على وجوههم المتجهّمة وبرودهم ولامبالاتهم.
رحلة شاقة في متاهة وزارة التربية
قبل أشهر، اضطررت لزيارة وزارة التربية لتصديق إفادة جامعية لشقيقي الأصغر. كنت على دراية بأنّ الوضع سيئ للغاية، لكن ما رأيته تجاوز توقعاتي. مئات الأشخاص يتنقلون بين الطوابق في حالةٍ من التيه والغضب، وسط فوضى عارمة وغياب أيّ تنظيم.
استغرقت العملية أكثر من ثلاث ساعات من التنقّل بين طوابير طويلة لا تنتهي. تُعطى المعلومات بالتقسيط أي بشكل مجتزأ وغير واضح، ما يجعل التجربة اختبارًا حقيقيًا للصبر. هذه الوزارة، المسؤولة عن التعليم في لبنان، تعكس بوضوح ما آلت إليه الظروف التعليمية في البلاد، حيث يبدو الأفق مظلمًا والطريق نحو النهوض طويلًا وشاقًا.
كان الحصول على أيّ من المصادقات أو الطوابع المطلوبة يتطلّب الوقوف في طوابير طويلة. لتوفير الوقت وتسريع العملية، يلجأ المواطنون إلى حيلةٍ ذكية: يذهب اثنان أو ثلاثة أشخاص معًا إلى الوزارة، بحيث يقف كلّ واحد منهم في طابور مختلف لحجز الدور. وعندما ينهي أحدهم معاملته، يسلّمها للآخر الذي ينتظر في الطابور التالي.
الوزارة المسؤولة عن التعليم تبدو وكأنها شبه مزرعة تفتقر إلى
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على